المنتديات العامه

**آندى آلعآلمين** · الثلاثاء 20 سبتمبر 2011, 8:48 am

التسويف من منظور إسلامي

سؤلت اليوم عن التسويف ومع انى كنت اكاد اعلم الاجابه الا انى بحثت فى اقوال السلف الصالح لكى اجيب باستفاضه
الموضوع منقووول للعلم بارك الرحمن فيكم

أكثر الناس خبراء بالدنيا يعلمون كيف يصلون إلى ما يريدون وضاع عمرهم في الأكل والشرب واللبس والجمع، والواقع الأليم الذي نحياه ينبئنا أن الناس يتنافسون في أمر الدنيا ويحرصون عليها الحرص كله ولا يعبأون بأمر الآخرة! كأنها لا تعنيهم، مع أن الأوامر الإلهية تنادي علينا بالإسراع: فاستبقوا الخيرات(148) صلى الله عليه وسلم البقرة: 148} وفي ذلك فليتنافس المتنافسون 26 صلى الله عليه وسلم المطففين: 26} والسابقون السابقون 10 أولئك المقربون 11 صلى الله عليه وسلم الواقعة: 10، 11}.
وألمس في نفسي وفي كثير من الناس التباطؤ في تنفيذ المطلوب حيث يُمنِّي الإنسان نفسه بالوقت قائلاً: ما زال في الوقت متسع، فيؤخر العمل لغد أو بعد غد، حتى ينتهي الموعد ولم يقض الأمر المكلف به، لذا اخترت هذا الموضوع لنرى أسبابه وآثاره وكيفية علاجه.

أولاً: ما معنى التسويف؟
يطلق التسويف على معان كثيرة منها:
1- التأخير والمماطلة، يقال: سوَّف يسوف أي: أخر يؤخر، فتراه يؤجل العمل ولا يسرع في تنفيذه(1).
2- الوعد، سَوَّف بالحسنة أي: وعد بها مستقبلاً قال الله تعالى: ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما 74 صلى الله عليه وسلم النساء: 74} وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما 146صلى الله عليه وسلم النساء: 146}.
3- الوعيد، سَوَّف بالسيئة أي: وعد بها مستقبلاً، قال تعالى: قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى" ربه فيعذبه عذابا نكرا 87 صلى الله عليه وسلم الكهف: 87}.
وكلامنا على التسويف المذموم، وهو: التأخير والمماطلة في تنفيذ المطلوب بدون مبرر.
ومظاهر هذا التسويف هي: البقاء على المعصية مع الوعد بالتوبة، بأن يقول العاصي: سوف أتوب أو غداً أتوب، أو إذا جاء رمضان سأقلع عن عادة التدخين، ويمر رمضان فيقول لم أستطيع ولكن إن شاء الله سأفعل في الشهر القادم، وهكذا هذه آخر علبة سجائر... إلخ ويبقى على ما هو عليه.
تأجيل عمل اليوم إلى الغد بغير مبرر: مثل أن يقال لداعية منا أَعد موضوعاً ما، فيقول: سمعاً وطاعة، ثم يماطل في تحضيره، سأحضره غداً أو بعد غد، وتمر الأيام ولم يبق إلا دقائق ويندم ويقول: لم أُحَضِّر جيداً وهكذا يتعلَّل بأعذار واهية.
وقد عشنا هذا الموضوع في قراءة القرآن مثلاً، يتأخر المسلم عن قراءة ورده اليومي فيقول: غداً سأقرأ أكثر من جزء وأدرك ما فاتني، وفي الغد يؤخر لليوم الآخر وهكذا، وتتراكم عليه القراءة والأعمال فلا يعمل أي شيء.
ثانياً: ما أسباب هذا المرض:
1- الأسرة المسوفة: إذ قد ترى الولد مُقدمٌ على عمل خير فتمنعه الأسرة بحجة صغر سنه، وعدم تحمله هذا الأمر، ويتكرر هذا الموضوع فيشرب الولد خلق التسويف، لأن الأولاد يقلدون الكبار كما قال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فيناعلى ما كان عوده أبوه
لذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد ضرورة الوفاء والالتزام أمام الأولاد، يقول عبدالله بن عامر: "دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا فقالت: تعال أعطك، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم : "ما أردت أن تعطيه؟" فقالت: أردت أن أعطيه تمرة، فقال لها: أما وأنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة"(2).
2- ضعف الإدارة وصحبة الكسالى: فالنفس البشرية أمارة بالسوء ميالة إلى الراحة والشهوات، ولا تحب المجاهدة وتحمل المشاق، وإن صحب الفرد منا أفراداً كسالى سيزيد هذا الخلق عنده، لذا شدد الإسلام على تجنب مصاحبة الضعفاء والكسالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي"(3).
3- طول الأمل مع نسيان الموت والدار الآخرة: يقول الإمام أبو حامد الغزالي: "اعلم أن من له أخوان غائبان ينتظر قدوم أحدهما في غد وينتظر قدوم الآخر بعد شهر أو سنة، فلا يستعد للذي يقدم بعد شهر أو سنة، ودائماً يستعد للذي ينتظر قدومه غداً"(4).
ويقول ابن قيم الجوزية: "يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعداً، ولا يغتر بالشباب، فإن أقل من يموت الأشياخ وأكثر من يموت الشباب"(5).
ولهذا قال الشاعر:
يعمر واحد فيفر يوم
وينسى من يموت من الشباب
4- الاستهانة بالأمر مع اعتماد المرء على بعض ما وهبه الله من حول وقوة.
أنظر في ذلك لحديث كعب بن مالك في قصة تخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: (كان من خبري...)(6).
ثالثاً: آثار التسويف أو أضراره:
1- الحسرة والندم في وقت لا ينفع فيه الندم:
قال الله تعالى: حتى" إذا جاء أحدهم الموت قال رب \رجعون 99 لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا100صلى الله عليه وسلم المؤمنون: 99، 100} وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى" أجل قريب فأصدق 10 صلى الله عليه وسلم المنافقون: 10}.
2- تراكم الذنوب والأعمال: ويصعب عليه أمر التوبة وكذا القيام بالأعمال.
3- الحرمان من العون الإلهي: لأن الله عز وجل لا يعين الكسالى والضعفاء، وإنما عونه ومدده لأوليائه وأحبابه: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا 69 صلى الله عليه وسلم العنكبوت: 69} والذين \هتدوا زادهم هدى 17 صلى الله عليه وسلم محمد: 17}.
رابعاً: علاج التسويف:
1- أخذ النفس بالحزم وقوة العزيمة:
لئن تتعب النفس اليوم لتستريح غداً خير لها من أن تستريح اليوم وتتعب غداً، والموت يأتي بغتة قال تعالى: وأنيبوا إلى" ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون 54 صلى الله عليه وسلم الزمر: 54}.
2- الإنسلاخ من صحبة الكسالى والمسوفين:
فعليك بصحبة ذوي الحزم والعزم وتأمل جيداً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة"(7).
3- تذكر الموت والدار الآخرة:
أعلم أخي المسلم أن الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل، فبادر بالعمل الصالح كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"بادروا بالأعمال الصالحة سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً، أو الدجال شر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر"( Cool

.
والحديث الآخر: "اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك"(9) وأعلم أن الوقت رأس مالك فإن أضعته هباء وبددته سدى فتقول مع القائل غداً:
رب \رجعون 99 لعلي أعمل صالحا فيما تركت100 صلى الله عليه وسلم المؤمنون: 99، 100} قال أحد الصالحين: "من علامات المقت إضاعة الوقت".
4- معايشة السلف الصالح في نظرتهم لهذا الأمر:
قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من القوة ألا تؤخر عمل اليوم إلى الغد، وهذا سيدنا عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بعد ما فرغ من دفن سليمان بن عبدالملك وانتهى من الخطبة التي بايعه فيها الناس ينزل من على المنبر متجهاً إلى بيته ليستريح ساعة بعد عنائه فيقبل عليه ولده عبدالملك قائلاً له: ماذا تريد أن تصنع يا أمير المؤمنين؟ فأجاب: أريد أغفو إغفاءة فلم تبق في جسدي طاقة. فقال له ولده: أتغفو قبل أن ترد المظالم إلى أهلها؟ فقال رضي الله عنه، يا بني إني قد جهدت البارحة في عمل سليمان وإني إذا حان النهار صليت في الناس ورددت المظالم إلى أهلها، فقال الولد: ومن يضمن لك البقاء إلى الظهر يا أمير المؤمنين؟ فألهبت هذه الكلمات حماسته وأطارت النوم من عينيه وقال له: أدن مني فضمه إليه وقبله قائلاً: الحمدلله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني(10).
5- عدم الاستهانة بأي أمر من الأمور: وإن كان الأمر بسيطاً، سارع إلى عمله ولا تؤخره، فقد تنشغل بأي أمر وقد يحدث أمر عارض وقد يمرض السليم، وهكذا. فهل آن الأوان أن نقول لأنفسنا، ويحك يا نفس بادري قبل أن تموتي، يا نفس من سيصوم عنك بعد الموت، من سيزكي عنك بعد الموت، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.

الهوامش:
1- لسان العرب لابن منظور، مادة سوف.
2- أخرجه أبو داود (298/4) كتاب الأدب باب التشديد في الكذب، والإمام أحمد في المسند، وحسنه الألباني حديث رقم: (4992).
3- أخرجه أبو داود (4-259)، المرجع السابق، حديث رقم: (4932).
4- الغزالي: إحياء علوم الدين(122/3)، دار الشروق للنشر، بيروت، 1980 .
5- ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين(321/3)، ط1, مطبعة السعادة، مصر، 1955 .
6- البخاري (4418).
7- متفق عليه، الحديث رقم: (2311).
8- رواه الترمذي وحسنه، الحديث رقم: (261).
9- الحاكم والبيهقي وقال الألباني: (صحيح) صحيح الجامع (1077).
10- ابن كثير: البداية والنهاية (211/10) دار الكتاب العربي، بيروت، 1970 .

التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك

**مولود الإسلام** · الثلاثاء 20 سبتمبر 2011, 9:38 pm

التسويف من منظور إسلامي

ما شاء الله

موضوع طويل ومفيد بارك الرحمن فيكم

وجعله الله فى ميزان حسناتكم

..

التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك

**عاشقة الاسلام** · الأربعاء 21 سبتمبر 2011, 5:21 pm

التسويف من منظور إسلامي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله

والله لم أكن أعرف مغنى التسويف وقليلا ما أسمع هذه كلمة

وقد أفدتني حبيبتي أفادكِ الله

وجزاكِ الله خير الجزاء وبارك فيكِ وأحسن إليكِ

اللهم لاتجعلنا من المتسوفين الذين يفكرون ولا ينوون . . اللهم آمين

.

التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك

**آندى آلعآلمين** · الجمعة 23 سبتمبر 2011, 7:47 pm

التسويف من منظور إسلامي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكم ربى الجنه وجعله الله فى موزين حسناتكم

وهذا قطره من غيث من ما تعلمناه منكم بارك الرحمن فيكم

التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك

المنتديات العامه

المنتدي العام

مواضيع ذات صلة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17)