!~ آخـر 10 مواضيع ~! | ||||
| ||||
إضغط علي او لمشاركة اصدقائك! |
شاطر |
الأحد 15 يوليو 2012, 12:03 am | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. فكرة راائعة لرمضان الكريم محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية" وفيها نعرض بشكل يومي آية استوقفتنا ونحن نقرأ الورد اليومي فى رمضان وأنتم أيضا إخواني أعضاء المنتدى و أيضا زوّار المنتدى شاركونا الآيات التى استوقفتكم . معكم إن شاء الله كل يوم ،طيلة أيام شهر رمضان المبارك كل عام وأنتم بخير أعاده الله علينا بالخير واليمن والبركات . نسأل الله أن يبلّغنا رمضان إستمعوا رحمكم الله لهذه المقدّمة الرااائعة و القيّمة لموضوع وقفة مع آية للشيخ محمد حسين يعقوب ( أهل القرآن). الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: Hayati Lillah | ||||||||||||||||||||||||||||||||
الأحد 15 يوليو 2012, 12:36 am | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: رد: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: الملاك البرئ | ||||||||||||||||||||||||||||||||
الإثنين 16 يوليو 2012, 2:25 am | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: رد: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. الفكره حقا رااااااااائعه جدا واعجبتنى جدا جدا ومن الممكن مشاركاتها فى المنتدى والجروب ان شئتم.. ولكن افضل ان تكون هنا فقط.. فهذا افضل باذن الله وتم تثبيت الموضوع بفضل الله .. وسيتم فتح الموضوع للزوار لمن اراد المشاركه دون تسجيل معنا فى المنتدى وجزاكم الله خيرا وجعله الله فى ميزان حسناتكم .. وان شاء الله اكون معكم فى هذا الموضوع يوميا باذن الله والله المستعاااان . الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: مولود الإسلام | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
الأربعاء 18 يوليو 2012, 1:09 pm | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: رد: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. أخي الكريم مولود الإسلام و اختي الغالية الملاك البريئ التي سعدت برؤية نشاطها في المنتدى كما سعدت بردودكم الطيّبة و المشجّعة ، و ذلك ما كنت أتوقعه منكم في إنتظار باقي مساهمات الأعضاء بآرائهم فهي مرحّب بها في كل حين، و تسعدني رؤيتها. سلمت أياديكم ، و أنار قلوبكم بنور كتابه الكريم . الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: Hayati Lillah | ||||||||||||||||||||||||||||||||
الجمعة 20 يوليو 2012, 12:22 pm | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: الآية الأولى من "تأملات في آية قرأنية" محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. هنيئا لنا جميعا أن بلّغّنا الله رمضان، و كل عام و أنتم بخير و كل الأمّة الإسلامية من شرقها لغربها. باسم الله نبدأ أول آية من موعدنا اليومي "تأملات في آية قرأنية" قال الله سبحانه و تعالى : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ } الآية ﴿١٥٢﴾ من سورة البقرة ، تفسير الآية: قوله تعالى : فاذكروني أذكركم أمر وجوابه ، وفيه معنى المجازاة فلذلك جزم . وأصل الذكر التنبه بالقلب للمذكور والتيقظ له . وسمي الذكر باللسان ذكرا لأنه دلالة على الذكر القلبي ، غير أنه لما كثر إطلاق الذكر على القول اللساني صار هو السابق للفهم . ومعنى الآية : اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة ، قاله سعيد بن جبير . وقال أيضا : الذكر طاعة الله ، فمن لم يطعه لم يذكره وإن أكثر التسبيح والتهليل وقراءة القرآن ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : من أطاع الله فقد ذكر الله وإن أقل صلاته وصومه وصنيعه للخير ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثر صلاته وصومه وصنيعه للخير ، ذكره أبو عبد الله محمد بن خويز منداد في " أحكام القرآن " له . وقال أبو عثمان النهدي : إني لأعلم الساعة التي يذكرنا الله فيها ، قيل له : ومن أين تعلمها ؟ قال يقول الله عز وجل : فاذكروني أذكركم . وقال السدي : ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله عز وجل ، لا يذكره مؤمن إلا ذكره الله برحمته ، ولا يذكره كافر إلا ذكره الله بعذاب . وسئل أبو عثمان فقيل له : نذكر الله ولا نجد في قلوبنا حلاوة ؟ فقال : احمدوا الله تعالى على أن زين جارحة من جوارحكم بطاعته . وقال ذو النون المصري رحمه الله : من ذكر الله تعالى ذكرا على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شيء ، حفظ الله عليه كل شيء ، وكان له عوضا من كل شيء . وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه : ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله . والأحاديث في فضل الذكر وثوابه كثيرة خرجها الأئمة . روى ابن ماجه عن عبد الله بن بسر أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن شرائع الإسلام قد [ ص: 161 ] كثرت علي فأنبئني منها بشيء أتشبث به ، قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل . وخرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل يقول أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه . وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان عند قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا } وأن المراد ذكر القلب الذي يجب استدامته في عموم الحالات . قوله تعالى : { واشكروا لي ولا تكفرون } قال الفراء يقال : شكرتك وشكرت لك ، ونصحتك ونصحت لك ، والفصيح الأول . والشكر معرفة الإحسان والتحدث به ، وأصله في اللغة الظهور ، وقد تقدم . فشكر العبد لله تعالى ثناؤه عليه بذكر إحسانه إليه ، وشكر الحق سبحانه للعبد ثناؤه عليه بطاعته له ، إلا أن شكر العبد نطق باللسان وإقرار بالقلب بإنعام الرب مع الطاعات . قوله تعالى : ولا تكفرون نهي ، ولذلك حذفت منه نون الجماعة ، وهذه نون المتكلم . وحذفت الياء لأنها رأس آية ، وإثباتها أحسن في غير القرآن ، أي لا تكفروا نعمتي وأيادي . فالكفر هنا ستر النعمة لا التكذيب . المصدر: تفسير القرطبي من موقع إسلام ويب (فاذكروني أذكركم). . يا لتفضّل الجليل الودود ! الله جلّ جلاله . يجعل ذكره لهؤلاء العبيد مكافئا لذكرهم له في عالمهم الصغير . . إن العبيد حين يذكرون ربهم يذكرونه في هذه الأرض الصغيرة . . وهم أصغر من أرضهم الصغيرة ! والله حين يذكرهم يذكرهم في هذا الكون الكبير . . وهو الله . . العلي الكبير . . أي تفضل ! وأي كرم ! وأي فيض في السماحة والجود ! إنه ذلك الفضل الذي لا يصفه لفظ ولا يعبر عن شكره الحق إلا سجود القلب . . وذكر الله ليس لفظا باللّسان , إنما هو انفعال القلب معه أو بدونه , والشعور بالله ووجوده والتأثر بهذا الشعور تأثرا ينتهي إلى الطاعة في حده الأدنى , وإلى رؤية الله وحده ولا شيء غيره لمن يهبه الله الوصول ويذيقه حلاوة اللقاء . . (واشكروا لي ولا تكفرون). . والشّكر لله درجات , تبدأ بالاعتراف بفضله والحياء من معصيته . وتنتهي بالتجرد لشكره والقصد إلى هذا الشكر في كل حركة بدن , وفي كل لفظة لسان , وفي كل خفقة قلب , وفي كل خطرة جنان . والنهي عن الكفر هنا إلماح إلى الغاية التي ينتهي إليها التقصير في الذكر والشكر ; وتحذير من النقطة البعيدة التي ينتهي إليها هذا الخط التعيس ! والعياذ بالله ! الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: Hayati Lillah | ||||||||||||||||||||||||||||||||
السبت 21 يوليو 2012, 2:14 pm | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||
| موضوع: رد: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. بارك الله فيكم أختنا على هذه البادرة الطيبة والفكرة الرائعة والتي من خلالها نقف مع كلام ربنا نتفيء ظلاله ونتغذى من معينه الذي لا ينظب في هذا الشهر الكريم شهر القران فهي وقفات ايمانية ومحطات نورانية نتزود خلالها بخير الزاد بعدما تلاطمت قلوبنا بامواج المعاصي يمنة ويسرة وتكالبت علينا الأماني وسرقنا طول الامل وقلة الصحبة والزاد قال تعالى افلا يتذبرون القران أم على قلوب اقفالها بلى ياربي والله لقد صدات القلوب وطفح الران على سطحها واشربت الهوى وتقادفتها الشبه فما لنا سواك يا الله نعصي وتتوب ننسى وتذكر هي فرصة في هذا الشهر الكريم شهر الاوبة والتوبة شهر الرحمات والنفحات النورانية شهر المغفرة والعتق من النيران فيه تصفد الشياطين وتفتحن ابواب الجنان . فنسال الله ان يجعل هذه الوقفات نورا يقذفه الله في قلوبنا ينير لنا درب الطاعة ونهرا نغتسل من خلاله من الاثام فلا يبقى من درننا شيء فتصير قلوبنا على قلب أبيضَ مثلِ الصفا، فلا تضرُّه فتنةٌ ما دامت السماوات والأرض، بعدما كانت على قلب أسود مُرْبادّاً كالكوز مُجخِّياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشرِبَ من هواه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن المؤمن إذا أذنب ذنباً كانت نكتةٌ سوداء في قلبه. فإن تاب ونَزَع واستغفر صُقِل منها، وإن زاد زادت حتى يغلَّف بها قلبه، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه: { كلا، بل ران على قلوبهم }". رواه الترمذي، وصحَّحه، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم. وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تُعْرَض الفتن على القلوب كالحصير، عُوداً عوداً. فأيُّ قلب أُشربَها نُكِتَ فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على قلب أبيضَ مثلِ الصفا، فلا تضرُّه فتنةٌ ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُرْبادّاً كالكوز مُجخِّياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشرِبَ من هواه" رواه الإمامان أحمد ومسلم، وقد فسَّر أحد رواة هذا الحديث معنى "أسود مربادّاً" قال: شدة البياض في سواد، و"الكوز مجخياً" قال: منكوساً. هذه دعوى لتذوق حلاوة القران والطاعة فحلاوته عرفها المشرك الوليد بن المغيرة _حكيم العرب_ عندما أتي يكابر في كلامه مع الحبيب صلي الله عليه وسلم وهنا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: "أفرغت أبا الوليد"، يقول نعم فيقول له: "فاسمع مني"، ثم تلا عليه سورة فصلت حتى وصل إلى قوله تعالى: "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ" (فصلت: 13). فوضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الله والرحم ألا يكمل. وعاد لقومه بوجه غير الذي ذهب به. ولما سئل قال: "سمعت منه كلامًا ليس من كلام الجن ولا من كلام الإنس، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لتلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وان أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه". سبحان الله مشرك يقول هذا الكلام عن القرآن الكريم ويستشعر منه ذلك!!!!!!!! فمابالنا نحن معشر المسلمين؟! هل شعرنا بحلاوة القرآن الكريم ونحن نتلوه، أو عندما نسمعه !!!!! ولم يقتصر تأثير القرآن علي الناس فقط وإنا أيضا الجن اسمعوا قول الله "قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا" (الجن:1-2)؛ وقوله عز من قائل: "وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْسًا وَلاَ رَهَقًا" (الجن: 13).يالله انظروا إلي قول الجن عن القرآن.... نشكوا إلي الله ضعف قلوبنا وتقصيرنا والله إن حلاوة القرآن لا تساميها حلاوة أية كلام في الدنيا لو تدبرنا آياته وهي تتلي علينا الاء الليل واطراف النهار أسأل الله أن يهديني وإياكم إلي تدبر آيات الله وأن يرزقنا خشوعا عند سماعها الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: ??? ???? | ||||||||||||||||||||
الأحد 22 يوليو 2012, 1:45 am | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: الآية الثانية من موعدنا اليومي"تأملات في آية قرأنية" محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. الآية الثانية من موعدنا اليومي "تأملات في آية قرأنية" قال الله سبحانه و تعالى : { لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } الآية ﴿٢٨٦﴾ من سورة البقرة ، هي العقيدة التي تعترف بالإنسان إنسانا ,لا حيوانا ولا حجرا , ولا ملكا ولاشيطانا . تعترف به كما هو ,بما فيه من ضعف وما فيه من قوة ,وتأخذه وحدة شاملة مؤلفة من جسد ذي نوازع , وعقل ذي تقدير ,وروح ذي أشواق .وتفرض عليه من التكاليف ما يطيق ; وتراعي التنسيق بين التكليف والطاقة بلا مشقة ولا إعنات ; وتلبي كل حاجات الجسد والعقل والروح في تناسق يمثل الفطرة . . ثم تحمل الإنسان - بعد ذلك - تبعة اختياره للطريق الذي يختار: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) وهكذا يتصور المسلم رحمة ربه وعدله في التكاليف التي يفرضها الله عليه في خلافته للأرض ; وفي ابتلائه في أثناء الخلافة ; وفي جزائه على عمله في نهاية المطاف . ويطمئن إلى رحمة الله وعدله في هذا كله ;فلا يتبرم بتكاليفه ,ولا يضيق بها صدرا ,ولا يستثقلها كذلك , وهو يؤمن أن الله الذي فرضها عليه أعلم بحقيقة طاقته ,ولو لم تكن في طاقته ما فرضها عليه . ومن شأن هذا التصور - فضلا عما يسكبه في القلب من راحة وطمأنينة وأنس - أن يستجيش عزيمة المؤمن للنهوض بتكاليفه ,وهو يحس أنها داخلة في طوقه ; ولو لم تكن داخلة في طوقه ما كتبها الله عليه ; فإذا ضعف مرة أو تعب مرة أو ثقل العبء عليه ,أدرك أنه الضعف لا فداحة العبء ! واستجاش عزيمته ونفض الضعف عن نفسه وهمّ همّة جديدة للوفاء ,ما دام داخلا في مقدروه ! وهو إيحاء كريم لاستنهاض الهمة كلما ضعفت على طول الطريق ! فهي التربية كذلك لروح المؤمن وهمّته وإرادته ;فوق تزويد تصوره بحقيقة إرادة الله به في كل ما يكلفه . ثم الشطر الثاني من هذا التصور: ( لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ). فردية التبعة ,فلا تنال نفس إلا ما كسبت ;ولا تحمل نفس إلا ما اكتسبت . فردية التبعة ,ورجعة كل إنسان إلى ربه بصحيفته الخاصة ,وما قيّد فيها له أو عليه . فلا يحيل على أحد ,ولا ينتظر عون أحد .ورجعة الناس إلى ربهم فرادى من شأنها -حين يستيقنها القلب - أن تجعل كل فرد وحدة إيجابية لا تنزل عن حق الله فيها لأحد من عباده إلا بالحق . وتقف كل إنسان مدافعا عن حق الله فيه تجاه كل إغراء ,وكل طغيان ,وكل إضلال , وكل إفساد . فهو مسؤول عن نفسه هذه وعن حق الله فيها - وحق الله فيها هو طاعته في كل ما أمر به وفي كل ما نهى عنه , وعبوديتها له وحده شعورا وسلوكا - فإذا فرط في هذا الحق لأحد من العبيد تحت الإغراء والإضلال ,أو تحت القهر والطغيان - إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان - فما أحد من تلك العبيد بدافع عنه يوم القيامة ولا شافع له ;وما أحد من تلك العبيد بحامل عنه شيئا من وزره ولا ناصر له من الله واليوم الآخر .ومن ثم يستأسد كل إنسان في الدفع عن نفسه والدفاع عن حق الله فيها , ما دام هو الذي سيلقى جزاءه مفردا وحيدا !ولا خوف من هذه الفردية - في هذا المقام - فمن مقتضيات الإيمان أن ينهض كل فرد في الجماعة بحق الجماعة عليه ,بوصفه طرفا من حق الله في نفسه . فهو مأمور أن يتكافل مع الجماعة في ماله وكسبه ,وفي جهده ونصحه ,وفي إحقاق الحق في المجتمع وإزهاق الباطل ,وفي تثبيت الخير والبر وإزاحة الشر والنكر . وكل أولئك يحسب له أو عليه في صحيفته يوم يلقى الله فردا فيتلقى هنالك جزاءه ! وكأنما سمع المؤمنون هذه الحقيقة وأدركوها .فها هو ذا ينطلق من قلوبهم دعاء خافق واجف , يذكره النص القرآني بطريقة القرآن التصويرية ;فكأنما نحن أمام مشهد الدعاء , وصفوف المؤمنين قائمة تردده في خشوع ;عقب إعلان حقيقة التكاليف وحقيقة الجزاء: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). وهو دعاء يصوّر حال المؤمنين مع ربهم ;وإدراكهم لضعفهم وعجزهم ,وحاجتهم إلى رحمته وعفوه , وإلى مدده وعونه ;وإلصاق ظهورهم إلى ركنه ,والتجائهم إلى كنفه ,وانتسابهم إليه وتجردهم من كل من عداه ; واستعدادهم للجهاد في سبيله واستمدادهم النصر منه . كل أولئك في نغمة وادعة واجفة تصور بإيقاعاتها وجيب القلب ورفرفة الروح . (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا). فدائرة الخطأ والنسيان هي التي تحكم تصرف المسلم حين ينتابه الضعف البشري الذي لا حيلة له فيه . وفي مجالها .يتوجه إلى ربه يطلب العفو والسماح .وليس هو التبجح إذن بالخطيئة أو الإعراض ابتداء عن الأمر , أو التعالي عن الطاعة والتسليم ;أوالزيغ عن عمد وقصد .ليس في شيء من هذا يكون حال المؤمن مع ربه ; وليس في شيء من هذا يطمع في عفوه أو سماحته .إلا أن يتوب ويرجع إلى الله وينيب . وقد استجاب الله لدعاء عباده المؤمنين في هذا , فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]:" رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " . (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا). . وهو دعاء ينبعث من وراثة الأمة المسلمة لتراث الرسالة كله ,ومعرفتهم - كما علمهم ربهم في هذا القرآن - بما كان من سلوك الأمم التي جاءتها الرسالات قبلهم ;وما حملهم الله من الآصار والأثقال عقوبة لهم على بعض ما كان منهم . فقد حرّم على بني إسرائيل بعض الطيبات بعملهم . وفي آية الأنعام: (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر , ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم) . . وكتب عليهم قتل أنفسهم تكفيرا عن عبادتهم للعجل كما سبق في أول هذه السورة . وحرّم عليهم(السبت)أن يبتغوا فيه تجارة أو صيدا . . وهكذا فالمؤمنون يدعون ربهم ألا يحمل عليهم أثقالا كالتي حملها على الذين من قبلهم , وقد بعث الله النبي الأمي يضع عن المؤمنين به من البشر كافة: (إصرهم والأغلال التي كانت عليهم). . فجاءت هذه العقيدة سمحة ميسرة ,هينة لينة ,تنبع من الفطرة وتتبع خط الفطرة , على أن الإصر الأكبر الذي رفعه الله عن كاهل الأمة المسلمة , والذي حمله الله على عاتق الأمم التي استخلفها في الأرض قبلهم فنقضت عهد الاستخلاف وحادت عنه . . هذا الإصر الأكبر هو إصر العبودية للبشر .عبودية العبد للعبد .ممثلة في تشريع العبد للعبد . وفي خضوع العبد للعبد لذاته أو لطبقته أو لجنسه . . فهذا هو الإصر الأكبر الذي أطلق الله عباده المؤمنين منه ,فردهم إلى عبادته وحده وطاعته وحده , وتلقي الشريعة منه وحده .وحرّر بهذه العبودية لله الواحد الأحد أرواحهم وعقولهم وحياتهم كلها من العبودية للعبيد !إلى العبودية لله وحده - متمثلة في تلقي الشرائع والقوانين والقيم والموازين منه وحده - هي نقطة الانطلاق والتحرر البشري .الانطلاق والتحرر من سلطان الجبارين والطغاة , ومن سلطان السدنة والكهنة ,ومن سلطان الأوهام والخرافات ,ومن سلطان العرف والعادة , ومن سلطان الهوى والشهوة .ومن كل سلطان زائف يمثل الإصر الذي يلوي اعناق البشر ويخفض جباههم لغير الواحد القهار . ودعاء المؤمنون:( رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا): يمثل شعورهم بنعمة الانطلاق والتحرر من العبودية للعبيد ;كما يمثل خوفهم من الارتداد إلى ذلك الدرك السحيق . (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ). وهو دعاء يشي بحقيقة الاستسلام .فالمؤمنون لا ينوون نكولا عن تكليف الله أيا كان . ولكنهم فقط يتوجهون إليه راجين متطلعين أن يرحم ضعفهم فلا يكلفهم ما لايطيقون . كي لا يعجزوا عنه ويقصروا فيه .وإلا فهي الطاعة المطلقة والتسليم . إنه طمع الصغير في رحمة الكبير .ورجاء العبد الضعيف في سماحة المالك المتصرف . وطلب ما هو من شأن الله في معاملته لعباده من كرم وبر وودّ وتيسير . ثم الاعتراف بالضعف بعد ذلك والتوجس من التقصير , الذي لا يمحو آثاره إلا فضل الله العفو الغفور. (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا). فهذا هو الضمان الحقيقي لاجتياز الامتحان ,ونيل الرضوان .فالعبد مقصر مهما يحاول من الوفاء . ومن رحمة الله به أن يعامله بالعفو والمرحمة والغفران . عن عائشة رضي الله عنها , قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]: " لا يدخل أحدكم الجنة بعمله " .قالوا:ولا أنت يا رسول الله ؟قال:" ولا أنا .إلا أن يتغمدني الله برحمته " . وهذا هو قوام الأمر في حس المؤمن: عمل بكل ما في الوسع .وشعور مع ذلك بالتقصير والعجز .ورجاء - بعد ذلك - في الله لا ينقطع . وتطلع إلى العفو والمغفرة والسماح .وأخيرا يلصق المؤمنون ظهورهم إلى ركن الله , وهم يهمّون بالجهاد في سبيله ,لإحقاق الحق الذي إراده ,وتمكين دينه في الأرض ومنهجه , (حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله). يلصق المؤمنون ظهورهم إلى ركن الله الركين ;ويرفعون رايته على رؤوسهم فينتسبون إليه وحده . إذا انتسبت الجاهلية إلى شتى الشعارات والعنوانات ;ويطلبون نصره لأوليائه بما أنه هو مولاهم الوحيد ; (أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). إنه الختام الذي يلخّص السورة .ويلخّص العقيدة .ويلخّص تصوّر المؤمنين ,وحالهم مع ربّهم في كل حين . . الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: Hayati Lillah | ||||||||||||||||||||||||||||||||
الأحد 22 يوليو 2012, 5:51 pm | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: رد: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). هو دعاء يصوّر حال المؤمنين مع ربهم ;وإدراكهم لضعفهم وعجزهم ,وحاجتهم إلى رحمته وعفوه , وإلى مدده وعونه ;وإلصاق ظهورهم إلى ركنه ,والتجائهم إلى كنفه ,وانتسابهم إليه وتجردهم من كل من عداه ; واستعدادهم للجهاد في سبيله واستمدادهم النصر منه . كل أولئك في نغمة وادعة واجفة تصور بإيقاعاتها وجيب القلب ورفرفة الروح . تأملات في قوله تعالى(لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت) للمسات الصوتية: إذا ما وقفنا عند أصوات هذه الكلمات وجدنا أن أكثرها أصوات مهموسة أو زلقة سهلة المخارج لا استعلاء فيها ولا تفخيم، إذ لا نجد حروف "خص ضغط قظ"، فلا مشقة على اللسان في لفظها كما أنه لا مشقة في معناها على المؤمنين، وكأن المؤمنين، وهم في خِضَمّ خشوعهم وتضرعهم ومناجاتهم لربهم وسؤاله المغفرةَ، هُمِس في آذانهم همسًا لطيفاً سريعاً (لن يكلفكم الله إلا قدر طاقتكم، ولن يحاسبكم إلا بأعمالكم، فاطمئنوا إلى عدل الله وغفرانه ورحمته). وليس في حروف الآية كثيراً من الحروف المضعفة أو المعتلة التي تحتاج بعض الجهد، وليس فيها مد زائد أو إدغام أو إخفاء أو غنة حتى إننا لا نجد سوى حرف نون مرة واحدة جاء متحرّكًا، والنون المتحركة فيها أضعف أنواع الغنة، فالمعنى واضح صحيح صريح لا شك فيه ولا اعتلال. اللمسات النحوية: - اعترضت هذه الجملة الجمل المتعاطفة في دعاء المؤمنين لطمأنتهم أن دعاءهم وسؤالهم المغفرة مستجاب، لأنّ الله لا يكلفهم إلا بمقتضى إدراكهم وقدرتهم، فإذا عملوا قدر طاقتهم بما أمرهم ربهم، فإنه سيغفر لهم. - حذف المفعول به في فعلي كسبت واكتسبت دلّ على التعميم في المعنى وشمول الأعمال المكتسبة جميعها، لأن الفعل المتعدي الذي يتجرد عن معفوله يصبح كاللازم ويتّسع مدلوله من نطاق محدود في المفعول إلى نطاق عام ومدلول واسع، فهي لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت من خير أو شر أو عمل أو علم أو نية أو.... لمسات في الأدوات: - لها وعليها: لها جاءت للاختصاص، وعليها للاستعلاء، وجاءت العبارة في الحسنات بـ (لها) من حيث هي مما يفرح المرء بكسبها ويُسَرّ بها، فتضاف إلى ملكه، وجاءت السيئات بـ (عليها) من حيث هي أثقال على النفس وأوزار ومتحملات صعبة، وهذا كما تقول: لي مال، وعليّ دين. الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: أمتي أمتي | ||||||||||||||||||||||||||||||||
الأحد 22 يوليو 2012, 7:26 pm | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||
| موضوع: رد: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - تعالى -: اعلم أن الله - سبحانه و تعالى - أعطى نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم وبارك - خواتيمَ سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يؤْتَ منه نبي قبله. ومن تدبَّر هذه الآيات وفَهِمَ ما تضمَّنَتْه من حقائق الدين وقواعدِ الإيمان الخمس والرَّدِّ على كلِّ مُبْطِلٍ، وما تضمَّنَتْه من كمال نِعَمِ الله - تعالى - على هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته، ومحبةِ الله - سبحانه - لهم، وتفضيلِه إياهم على من سواهم، فَالْيَهْنَهُ العلمُ. ولو ذهبنا نستوعب الكلامَ فيها لخرجنا عن مقصود الكتاب، ولكن لابدَّ من كُليماتِ يسيرة تشير إلى بعض ذلك فنقول: لما كانت سورةُ البقرة سنامَ القرآن، وأكثرَ سُوَرِهِ أحكاماً، وأجمعَها لقواعد الدين: أصوله وفروعه، وهي مشتملة على ذكر أقسام الخلق: المؤمنين، والكفَّار، والمُنافِقينَ، وذِكرِ أوصافِهم وأعمالِهم، و وذِكْرِ الأدلَّة الدَّالَّةِ على إثباتِ الخالق - سبحانه و تعالى -، وعلى وحدانيَّتِهِ، وذِكْرِ نِعَمِهِ، وإثباتِ نبوَّةِ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتقريرِ المَعادِ، وذِكْرِ الجنَّة والنار، وما فيهما من النعيمِ والعذاب، ثم ذِكْرِ تخليق العالَم العُلْويّ والسُّفْليّ، ثم ذكرِ خلْقِ آدم - عليه السلام -، وإنعامِه بالتعليم وإسجاد ملائكته له، وإدخاله الجنَّة، ثم ذكرِ محنته مع إبليس، وذكرِ حُسْنِ خاتمة آدم - عليه السلام -. ثم ذِكْرِ المناظرة مع أهل الكتاب من اليهود، وتوبيخهم على كفرهم وعنادهم، ثم ذِكْرِ النصارى والَّردِّ عليهم، وتقرير عبوديَّة المسيح، ثم تقرير النسخ، والحِكمةِ في وقوعه. ثم بناء البيت الحرام وتقرير تعظيمه، وذكرِ بانيه والثناء عليه، ثم تقريرِ الحنيفية ملَّةِ إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، وتسفيهِ من رَغِبَ عنها، ووصيةِ بنيه بها. وهكذا شيئاً فشيئاً إلى آخر السورة، فَخَتَمها الله - تعالى - بآياتٍ جوامِعَ مُقَرِّرةٍ لجميع مضمون السورة، فقال - تعالى -: (لِلَّهِ ما في السَّمَواتِ وما في الأَرْضِ وإنْ تُبْدوا ما في أنفُسِكُم أو تُخْفوهُ يُحاسبْكمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ويُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ واللهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ) فأخبر - تعالى - أن ما في السموات وما في الأرض مُلكُه وحدَه لا يشاركه فيه مشارك، وهذا يتضمَّن انفرادَه بالمُلك الحق، والمُلْكِ العام لكلِّ موجود، وذلك يتضمَّن توحيد ريوبيَّتهِ وتوحيدَ إلهيَّتهِ، فتضمَّن نفيَ الولدِ والصاحبة والشريك؛ لأنَّ ما في السموات وما في الأرض إذا كان مُلْكُه وخَلْقَه لم يكن له فيهم ولد ولا صاحبة ولا شريك. وقد استدلَّ - سبحانه - بِعينِ هذا الدليل في سورة الأنعام، وسورة مريم، فقال - تعالى -: (بَدِيعُ السَّمَواتِ والأَرضِ أَنَّى يَكونُ لَهُ وَلَدٌ ولَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) وقال - تعالى - في سورة مريم: (وما يَنْبَغي لِلرَّحْمَنِ أنَ يَتَّخِذَ وَلَداً إنْ كُلُّ مَنْ في السَّمَواتِ والأَرْضِ إلاَّ آتِ الرَّحْمَنِ عَبْداً)ويتضمَّن ذلك أن الرغبةَ والسؤالَ والطلبَ والافتقارَ لا يكون إلاَّ إليه وحدَه؛ إذ هو المالك لما في السموات والأَرْضِ. ولمَّا كان تصرُّفُه - سبحانه - في خلقه لا يخرج عن العدل والإحسان، وهو تصرُّفٌ بخَلْقه وأمره، وأخبر أن ما في السموات وما في الأرض ملكه، فما تصرَّفَ خلْقاً وأمراً إلاَّ في ملكه الحقيقي، وكانت سورة البقرة مشتملة من الأمر والخلق على ما لم يشتمل عليه سورة غيرها، أخبر - تعالى - أن ذلك صَدَرَ منه في ملكه قال - تعالى -: وإنْ تُبْدوا ما في أنفُسِكُم أو تُخْفوهُ يُحاسبْكمْ بِهِ اللهُ، فهذا متضمِّنٌ لِكمالِ علمه - سبحانه و تعالى - بسرائر عباده وظواهرهم، وأنه لا يخرج شيء من ذلك عن علمه، كما لم يخرج شيء ممن في السموات والأرض عن ملكه، فعِلْمُه عام ومُلْكُه عام. ثم أخبر - تعالى - عن محاسبته لهم بذلك، وهي تعريفهم ما أبدوه أو أخفوه، فتضمَّنَ ذلك علمَه بهم وتعريفَهم إيَّاه، ثم قال: (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) فتضمَّن ذلك قيامَه عليهم بالعدل والفضل، فيغفر لمن يشاء فضلاً، ويعذِّب من يشاء عدلاً، وذلك يتضمَّن الثوابَ والعقابَ المستلزم للأمر والنهي والمستلزم للرسالة والنُّبُوَّة. ثم قال - تعالى -: (واللهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ) فتضمّن ذلك أنه لا يخرج شيْءٌ عن قدرته البتَّةَ، وإن كلَّ مقدور واقع بقدره، ففي ذلك ردٌّ على المجوس الثنوية، والفلاسفة، والقدرية المجوسية، وعلى كل من أخرج شيئاً من المقدورات عن خلقه وقُدرتهِ، وهم طوائف كثيرون. فتضمَّنتِ الآيةُ إثباتَ التوحيد، وإثباتَ العلم بالجُزئيَّاتِ والكُلِّيَّاتِ، وإثبات الشرائع والنبوَّاتِ، وإثباتَ المعاد والثواب والعقاب، وقيامَ الرَّبِّ على خلقه بالعدل والفضل، وإثباتَ كمال القدرة وعمومها، وذلك يتضمَّن حدوثَ العالم بأسره؛ لأنَّ القديم لا يكون مقدوراً ولا مفعولاً. ثم إنَّ إثباتَ كمالِ علمه وقدرَتِه يستلزم إثباتَ سائرِ صفاته العُلى، وله من كل صفة اسمٌ حَسَنٌ، فيتضمَّن إثباتَ أسمائه الحُسنى، وكمالُ القدرة يستلزم أن يكون فعَّالاً لما يريد، وذلك يتضمن تنزيهَه عن كل ما يضاد كمالَه، فيتضمّن تنزيهه عن الظلم المنافي لكمال غناه وكمال علمه؛ إذ الظلمُ إنما يصدُر عن محتاجٍ أو جاهلٍ، وأما الغنيُّ عن كلِّ شيءٍ، العالِمُ بكلِّ شيء - سبحانه - فإنه يستحيل منه الظلم، كما يستحيل عليه العجزُ المنافي لكمال قدرته، والجهلُ المنافي لكمال علمه. فتضمنت الآية هذه المعارف كلَّها بأوجز عبارة وأفصح لفظ وأوضح معنى. وقد عرفتَ بهذا أن الآية لا تقتضي العقابَ على خواطر النفوس المجرَّدة؛ بل إنما تقتضي محاسبةَ الرَّبِّ عبدَه بها، وهي أعمُّ من العقاب، والأعمُّ لا يستلزم الأخصَّ، وبعد محاسبته بها يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، وعلى هذا فالآية مُحْكَمَةٌ لا نسخ فيها، ومن قال من السلف: نَسَخَها ما بعدَها، فمراده بيانَ معناها والمرادَ منها، وذلك يسمى نسخاً في لسان السلف، كما يسمُّون الاستثناءَ نسخاً. ثم قال - تعالى -: (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ ومَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ ورُسُلِهِ) فهذه شهادة الله - تعالى - لرسوله - عليه الصلاة والسلام - بإيمانه بما أُنزِل إليه من ربِّه، وذلك يتضمَّن إعطاءَه ثوابَ أكمل أهل الإيمان - زيادةً على ثواب الرسالة والنبوَّة - لأنه شارك المؤمنين في الإيمان، ونال منه أعلى المراتب، وامتاز عنهم بالرسالة والنبوَّة، وقوله: أُنْزِلَ إليهِ من رَبِّهِ يتضمّن أنه كلامَه الذي تكلَّم به، ومنه نزل لا من غيره، كما قال - تعالى -: (قُلْ نَزَّلَه روحُ القُدُسِ مِنْ رَبِّكَ) وقال: (تَنْزيلٌ مِنْ رَبِّ العالَمينَ). وهذا أحدُ ما احتجَّ به أهل السُّنَّة على المعتزلة القائلين بأنَ الله لم يتكلَّمْ بالقُرآن، قالوا: فلو كان كلاماً لغير الله لكان مُنزَّلاً من ذلك المحلِّ لا من الله؛ فإن القرآنَ صفةٌ لا تقوم بنفسها؛ بخلاف قولِه: وسخَّرَ لَكُمْ ما في السَّمَواتِ وما في الأَرْضِ جَميعاً مِنْهُ فإنَّ تلك أعيانٌ قائمةٌ بنفسها، فهي منه خَلْقاً، وأما ‘الكلام’ فَوَصْفٌ قائِمٌ بالمتكلِّم، فلمَّا كان منه فهو كلامه؛ إذ يستحيل أن يكون منه ولم يتكلَّم به. ثم شَهِدَ - تعالى - للمؤمنين بأنهم آمنوا بما آمن به رسولُهم، ثم شهد لهم جميعاً بأنهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله،فتضمنت هذه الشهادةُ إيمانَهم بقواعدِ الإيمان الخمسة التي لا يكون أحدُ مؤمناً إلا بها، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر. وقد ذكر - تعالى - هذه الأصولَ الخمسة في أول السورة ووسطها وآخرها، فقال في أوَّلِها: (والَّذينَ يُؤْمِنونَ بما أُنْزِلَ إلَيْكَ وَما أنْزِلَ مِنْ قَبلِكَ وبالآخرة هُم يوقِنونَ) فالإيمانُ بما أنزل إليه وما أنزل من قبله يتضمن الإيمان بالكتب والرسل والملائكة، ثم قال: وبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنونَ، والإيمان بالله يدخل في الإيمان بالغيب وفي الإيمان بالكتب والرسل، فتضمّنت الإيمانَ بالقواعد الخمس. وقال في وسطها: (ولكنَّ البِرَّ من آمَنَ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ والمَلائِكَةِ والكِتابِ والنَّبِيِّين) ثم حكى عن أهل الإيمان أنهم قالوا: (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)فنُؤمِنُ بِبعض، فلا ينفعنا إيمانُنا بمن آمنَّا به منهم كما لم ينفع أهلَ الكتاب ذلك؛ بل نؤمن بجميعهم ونصدِّقُهم ولا نفرِّق بينهم، وقد جَمَعَتْهم رسالةُ ربِّهم فنفَرِّق بين من جمعَ اللهُ بينهم، ونُعادي رسلَه، ونكون معادين لهم فبايَنوا بهذا الإيمانِ جَميعَ طوائفَ الكُفَّار المكذِّبينَ لجنس الرسل، والمصدقين لبعضهم المكذّبين لبعضهم. وتضمن إيمانُهم بالله إيمانَهم بربوبيَّتِه، وصفاتِ كمالِه، ونُعوتِ جلالِه، وأسمائه الحُسنى، وعُمومِ قُدرتِه ومشيئَتِه، وكمالِ علمه وحِكمتِه، فبايَنوا بذلك جميعَ طوائف أهل البدع والمنكرين لذلك أو لشيءٍ منه؛ فإنَّ كمال الإيمان باللهِ يتضمَّن إثباتَ ما أثبَتَه لنفسه، وتنزيهَه عمَّا نَزَّهَ نفسَهعنه، فبايَنوا بِهذَيْنِ الأمرين جميعَ طوائفِ الكفر، وفرقِ أخل الضلال الملحدين في أسماء الله وصفاته. ثم قالوا: (سَمِعْنا وَأَطَعْنا)فهذا إقرارٌ منهم رُكْنَي الإيمان الذي لا يقوم إلاَّ بِهما، وهما السمعُ المتضمّن للقَبولِ؛ لا مجرّد سمع الإدراك المشترك بين المؤمنين والكافرين؛ بل سمعُ الفَهْمِ والقَبول، و الثاني: الطاعة المتضمّنة لكمال الانقياد وامتثال الأمر، وهذا عَكْسُ قول الأمَّة الغضبية (سَمِعْنا وَعَصَيْنا). فتضمّنت هذه الكلماتُ كمالَ إيمانهم، وكمالَ قبولهم، وكمال انقيادهم، ثم قالوا: (غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصيرُ) لِما علموا أنهم لم يوفوا مَقامَ الإيمانِ حقَّه مع الطاعة والانقياد الذي يقتضيه منهم، وأنهم لا بدَّ أن تميلَ بهم غلباتُ الطِباع ودواعي البشرية إلى بعض التقصير في واجبات الإيمان، وأنه لا يَلُمُّ شَعْثَ ذلك إلاَّ مغفرةُ الله - تعالى - لهم، سألوه غُفْرانَه الذي هو غايةُ سعادتهم، ونهايةُ كمالهم؛ فإن غايةَ كلِّ مؤمن المغفرةُ من الله - تعالى - ، فقالوا: (غُفْرانَكَ رَبَّنا)ثم اعترفوا أنَّ مصيرهم ومردَّهم إلى مولاهم الحقّ لا بدَّ لهم من الرُّجوع إليه فقالوا: (وَإلَيكَ المَصيرُ). فتضمّنت هذه الكلمات إيمانَهم به، ودخولَهم تحت طاعته وعبوديته، واعترافَهم بربوبيته، واضطرارَهم إلى مغفرته، واعترافَهم بالتقصير في حقِّه، وإقرارَهم برجوعهم إليه. ثم قال - تعالى -: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاَّ وِسعَهَا) فنفى بذلك ما توهّموه من أنه يعذّبهم بالخَطَرات التي لا يملكون دفعَها، وأنها داخلة تحت تكليفه، فأخبرهم أنه لا يكلّفهم إلا وسعهم، فهذا هو البيان الذي قال فيه ابن عبّاس وغيره فنسخها الله عنهم بقوله: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاَّ وِسْعَها) قد تضمَّن ذلك أنَّ جميعَ ما كلَّفهم به أمراً ونهْياً فهم مطيقون له قادرون عليه، وأنه لم يكلّفهم ما لا يطيقون، وفي ذلك ردٌّ صريح على من زعمَ خلاف ذلك. والله - تعالى - أمرهم بعبادته، وضَمِنَ أرزاقَهم، فكلَّفهم من الأعمال ما يسعونه، وأعطاهم من الرزق ما يسعهم، فتكليفهم يسعونه، وأرزاقهم تسعهم، فهم في الوسع في رزقه وأمره: وسِعوا أمره، ووسعَهم رزقُه، ففرَّقَ بين ما يسع العبدَ وما يسعه العبدُ، وهذا هو اللائق برحمته وبِرّه وإحسانه وحكمته وغِناه؛ لا قولَ من قال إنه كلَّفهم ما لا قُدرةَ لهم عليه البتَّةَ ولا يطيقونه ثم يعذّبهم على ما لا يعملونه. وتأمَّل قوله – عز وجل -: (إلاَّ وِسْعَها) يف تجد تحته أنهم في سِعَة ومنحة من تكاليفه؛ لا في ضيق وحرج ومشقَّة؛ فإنَّ الوسع يقتضي ذلك، فاقتضت الآية أنما كلَّفهم به مقدور لهم من غير عُسر لهم ولا ضيق ولا حرج؛ بخلاف ما يقدر عليه الشخصُ فإنه قد يكون مقدوراً له ولكن فيه ضيق وحرج، وأما وسعه الذي هو منه في سِعة فهو دون مدى الطاقة والمجهود؛ بل لنفسه فيه مجال ومُتَّسَع، وذلك مُنافٍ للضيق والحرج وما جَعَلَ عَلَيْكُم في الدِّينِ من حَرَجٍ بل يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُريدُ بِكُمُ العُسْرَ قال سفيان بن عيينة: في قوله: إلاَّ وسعَها إلاَّ يُسْرها لا عسرها، ولم يكلفها طاقتها، ولو كلّفها طاقتها لبلغ المجهود. فهذا فهم أئمة الإسلام. وأين هذا من قول من قال: إنه كلَّفهم ما لا يطيقونه البتَّةَ ولا قُدرة لهم عليه؟ ثم أخبر - تعالى - أن ثمرة هذا التكليف عائدة عليهم، وأنه - تعالى – غني عن انتفاعه بكسبهم وتضرّرِه باكتسابهم؛ بل لهم كسبهم ونفعه، وعليهم اكتسابهم وضرره، فلم يأمرهم بما أمرهم به حاجةً منه إليهم؛ بل رحمة وإحساناً وتكرُّماً. ولم ينهَهُم عما نهاهم عنه بُخلاً منه عليهم بل حِميةً وحفظاً وصيانة وعافية. وفيه أيضاً أن نفساً لا تُعَذَّب باكتساب غيرها، ولا تُثاب بكَسبِه، ففيه معنى قوله: وأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعَى، وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وفيه أيضاً إثبات كسبِ النفس المُنافي للجَبْر. وفيه أيضاً اجتماع الحكمة فيه، فإما كسب خيراً أو اكتسب شرَّاً، لم يُبْطِل اكْتسابُه كسبَه، كما يقوله أهل الإحباط والتخليد؛ فإنهم يقولون: إنَّ عليه ما اكتسب وليس له ما كسب، فالآية رَدٌّ على جميع هذه الطوائف، فتأمل كيف أتى فيما لها بالكسب الحاصل، ولو لأدنى ملابسة، وفيما عليها بالاكتساب الدالّ على الاهتمام والحرص والعمل؛ فإنَّ اكتسب أبلغ من كسب، ففي ذلك تنبيه على غلبة الفضل للعدل، والرحمة للغضب. ثم لما كان ما كلفهم به عهوداً منه ووصايا وأوامر تجب مراعاتها والمحافظة عليها،وأن لا يخلّ بشيء منها؛ ولكن غلبات الطباع البشرية تأبى إلاَّ االنسيان والخطأ والضعف والتقصير، أرشدهم الله - تعالى - إلى أن يسألوه مسامحته إياهم في ذلك كله، ورفعَ موجبِه عنهم بقولهم: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلى الَّذينَ مِنْ قَبْلِنا أي لا تكلِّفنا من الآصار التي يثقل حملها ما كلَّفتَه مَن قَبلَنا؛ فإنا أضعف أجساداً وأقلّ احتمالاً. ثم لما علموا أنهم غير منفكِّين مما يقضيه ويقدِّره عليهم، كما أنهم غير منفكين عما يأمرهم به وينهاهم عنه، سألوه التخفيف في قضائه وقدره، كما سألوه التخفيف في أمره ونهيه فقالوا: رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ فهذا في القضاء والقدر والمصائب، وقولهم: رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلى الَّذينَ مِنْ قَبْلِنا في الأمر والنهي والتكليف فسألوه التخفيف في النوعين. ثم سألوه العفوَ والمغفرةَ والرحمة والنصر على الأعداء؛ فإن بهذه الأربعة تتم لهم النعمة المطلقة، ولا يصفو عيش في الدنيا والآخرة إلا بها، وعليها مدار السعادة والفلاح، فالعَفْوُ متضمّن لإسقاط حقِّه قِبَلَهُم ومسامحتهم به، والمغفرة متضمنة لوقايتهم شرّ ذنوبهم وإقباله عليهم ورضاه عنهم؛ بخلاف العفو المجرّد؛ فإنّ العافي قد يعفو ولا يُقْبِل على من عفا عنه ولا يرضى عنه، فالعفو ترك محض، والمغفرة إحسان وفضل وَجُود، والرحمة متضمنة للأمرين مع زيادة الإحسان والعطف والبر، فالثلاثة تتضمن النجاة من الشَّرِّ والفوز بالخير، والنُّصرة تتضمن التمكين من إعلان عبادته وإظهار دينه وإعلاء كلمته، وقهر أعدائه، وشفاء صدروهم منهم، وإذهاب غيظ قلوبهم، وحزازات نفوسهم. وتوسَّلوا في خلال هذا الدعاء إليه باعترافهم أنه مولاهم الحق الذي لا مولى لهم سواه، فهو ناصرهم، وهاديهم، وكافيهم، ومعينهم، ومجيب دعواتهم، ومعبودهم. فلمَّا تحقَّقت قلوبهم بهذه المعارف وانقادت وذلَّت لِعِزَّة ربِّها ومولاها وإجابتها جوارحهم أُعْطُوا كلّما سألوا من ذلك، فلم يسألوا شيئاً منه إلا قال الله - تعالى -: قد فعلتُ، كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك. فهذه كلمات قصيرة مختصرة في معرفة مقدار هذه الآيات العظيمة الشأن، الجليلة المقدار، التي خصّ اللهُ بها رسولَه محمداً - صلى الله عليه وسلم - وأمَّته من كنز تحت العرش. وبعد، ففيها من المعارف وحقائق العلوم ما تعجز عقولُ البشر عن الإحاطة به، والله المرغوب إليه أن لا يحرمنا الفهم في كتابه، إنه رحيم ودود. والحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبيَّ بعدَه وآلِه وصحبه أجمعين. الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: ??? ???? | ||||||||||||||||||||
الخميس 26 يوليو 2012, 2:01 pm | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: رد: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. ما شاء الله .. هذه الفكره الطيبه المباركه تعمل بشكل جيد وناجح جدا ما شاء الله وقد كنت وعدت ان اكون معكم يوميا فى هذا الموضوع .. ولكن لم أكن أعلم ان وقت شهر رمضان ضيق الى هذا الحد فبالله عليكم أعذرونى عن تخلفى عنكم فى هذا الموضوع الطيب المبارك جعله الله فى ميزان حسناتكم .. ولكن من باب المشاركه .. اتمنى من الجميع الوقوف مع قول الله تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " هى دعوه من رب العزه سبحانه للتأمل والتدبر وتحرى معرفة معانى مقاصد القرآن الكريم فهلا قبلنا الدعوه ؟؟ تقبل الله منا ومنكم وجزاكم الله خيرا.. و أكرر أعتذراى الشديد عن تقصيرى فى هذا الامر أعدكم بأنه لو سنحت الفرصه سأكون معكم بأذن الله وجزاكم الله خيرا . الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: مولود الإسلام | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
الجمعة 27 يوليو 2012, 10:58 pm | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: رد: محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. جزاك الله خيرا أخي الكريم مولود الإسلام على المرور الطيّب على الموضوع الذي هو موضوعكم جميعا رغم مشاغلكم الكثيرة، و لكن الغيورين على كتاب الله هذا فعلهم، و أعتذر على قطع خلوتكم في رمضان ، و لكن حين يكون الحديث عن كتاب الله فكل شيئ يصبح ممكنا. لا حرمنا الله من مشاركاتكم القيّمة، يبدو أنك أوّل من شارك كما أريد منه هذا الموضوع، بوضع آية إستوقفته هو أيضا. أنتظر مشاركة الآخرين إن شاء الله. الموضوع الأصلي : محطّة يومية "تأملات في آية قرأنية"، طيلة شهر رمضان المبارك. // المصدر : عباد الرحمن بأخلآق القرآن // الكاتب: Hayati Lillah | ||||||||||||||||||||||||||||||||
الإشارات المرجعية |
الــرد الســـريـع | |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
| |
|
|