!~ آخـر 10 مواضيع ~! | ||||
| ||||
إضغط علي او لمشاركة اصدقائك! |
شاطر |
الثلاثاء 12 يوليو 2011, 10:22 pm | المشاركة رقم: | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: الاسلام وصراع الحضارات الاسلام وصراع الحضارات وقد تكون مشكلة المسلمين ، وخاصة في مراحل الكمود ، والخمود ، والوهن الحضاري ، وشيوع التقليد، وغياب الوعي الجماعي ، وانطفاء الفاعلية ، في محاولة بعضهم التفكير بدخول جحور الضباب -حتى إنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه- التي تعيشها الحضارات الأخرى ، واختزال التاريخ الحضاري ، بعصر واحد ، والانبهار بالطفرات الحضارية ، أو الخداع الحضاري ، واستبدال الذي هو أدني ، بالذي هو خير ، والعجز عن إدراك الإمكان الحضاري ، الذي تمتلكه الأمة المسلمة ، لو تمثلت إسلامها ، واستشرفت ماضيها ، وأبصرت مستقبلها حقيقة. والصلاة والسلام على الرسول القدوة ، الذي جاء للعالمين بشيراً ونذيراً وكانت الغاية من ابتعاثه ، إخراج الناس ، من الظلمات إلى النور ، ووضع الآصار والأغلال التي عليهم ، وتزكية البشرية ، وإلحاق الرحمـة بها، قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )(الأنبياء: 107) ، وتقديم الانموذج الحضاري الإنساني ، على الأصعدة المتعددة ، المتحقق من خلال عزمات البشر ، وهدايات الوحي ، المرشد إلى سنن البناء ، ليكون محلاً للاقتداء والتأسي ، بعيداً عن عبث الإنسان ، وأهواء الإنسان ، وتسلط الإنسان على الإنسان ، حيث لا أسوة بغيره ، ولا اقتداء بسواه ، لأنه مسدد بالوحي ، ومؤيد به ، وكل إنسان غيره ، يؤخذ من كلامه ويرد ، ويجري عليه الخطأ والصواب ، والانحراف والاستقامة. لذلك كان من أهم عوامل الإمكان ،والارتكاز الحضاري ، امتلاك الأمة المسلمة للقيم السماوية السليمة ، التي لم يداخلها تحريف ، ولا تبديل ، إلى جانب امتلاكها أنموذج الاقتداء والتجسيد ، والعطاء لهذه القيم ، الذي استوعب جميع الأحوال التي تمر بها الأمة ، من سقوط ونهوض ، واستضعاف وتمكين ، ودعوة ودولة ، على مستوى الفرد ، والمجتمع ، والأمة ، والدولة .. إنها أمة تمتلك القيم ، وتمتلك الأنموذج التطبيقي ، ليكون دليلها في كل حالة تمر بها. وبعد: فهذا كتاب الأمة الرابع والأربعون: (الإسلام وصراع الحضارات) ، للدكتور أحمد القديدي ، في سلسلة كتاب الأمة ، التي يصدرها مركز البحوث والدراسات ، بوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ، في دولة قطر ، مساهمة في إعادة بناء فاعلية المسلم المعاصر ، الصالح بنفسه ، المصلح لغيره ، من خلال إحياء وعيه ، بموقعه الثقافي ، ورسالته الإنسانية ، وأمته المعيار ، وإمكاناته في النهوض ، وقدرته على استئناف السير ، وإحياء شخصيته الحضارية التاريخية ، وتوضيح ملامح حضارته ، وبيان قسماتها ، ونقاط ارتكازها ، والدور المنوط به اليوم -على الرغم مما يعانيه- (لإخراج الناس ، من عبادة العباد ، إلى عبادة الله ، ومن ضيق الدنيا ، إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان ، إلى عدل الإسلام)، واستنقاذه من العبث الثقافي ، والضلال الحضاري ، وتبصيره بالسنن الإلهية ، في الأنفس والآفاق ، التي تحكم الحياة والأحياء ، والتي هي أشبه بقوانين مطردة ، تمثل أقدار الله الغلابة التي لا تتبدل ، ولا تتغير ، ليحسن التعامل معها ، ويمتلك القدرة على تسخيرها ، ومغالبة قدر بقدر ، والفرار من قدر إلى قدر . يقول ابن القيم رحمه الله : ليس الرجل الذي يستسلم للقدر ، بل الذي يحارب القدر بقدر أحب إلى الله (مدارج السالكين ج1). وقد يكون من المفيد هنا ، أن نشير إلى أن الصراع ، أو التدافع ، أو التداول ، أو الحوار الحضاري ، سنة اجتماعية ، من سنن الله تعالى وقوانينه ، التي لا تتخلف ، ولا تتبدل ، كما أنها سنة فردية أيضاً ، فالإنسان كفرد ، ليس خارجاً عن دائرة الصراع والتدافع الذاتي ، في الاختيار بين دوافع الخير ، ونوازع الشر ، في نفسه ، لأن في ذلك تتحدد حرية الإنسان في الاختيار ، وتتميز كرامته ، ويبين فضله، والشر من لوازام الخير ، وبضدها تتميز الأشياء. فالصراع والتدافع ، هو سبيل الحيوية ، والنمو ، والازدياد ، وعلامة الحياة والاستمرار ، ابتداء من الخلية ، وانتهاءاً بالحياة الحية .. وهو إحدى محركات الحياة الاجتماعية ، وامتداد التاريخ البشري ، وله صوره المتعددة ، وشوكاته المتنوعة ، من الحوار ، والمفاكرة ، والمثاقفة ، والمناظرة ، والقتال ، والمواجهة ، والمنافسة ، والسباق ، والمغالبة ، كلها صور ومعارك ، منها : المشروع المحكوم بضوابط ليست من وضع الإنسان ، ومنها ما يستخدم وسائل غير مشروعة ، وكل ذلك يقع ضمن دائرة الصراع الحضاري ، الذي يندفع من عقائد وأنساق معرفية ، ورؤى قيمية ، وأنماط حياتية وسلوكية ، تمتاز بخصوصيتها ، وتسعى للبرهنة على أحقيتها ، وإثبات وجودها ، فهي أشبه ما تكون في خصوصيتها ببصمات الأصابع ، وسحن الوجوه ، وملامح الشخصية ، لا يمكن أن تتطابق ، ذلك أن التطابق ، يعني التوقف والموت. والصراع بين الخير والشر ، والعدل والظلم ، والحب والحقد ، والعفو والثأر ، والإيثار والأثرة ، والحق والباطل ، وبعبارة أخرى : الصراع بين المعروف والمنكر ، لا يتوقف إلا بتوقف الحياة. قال تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً )(الفرقان:31) وقال: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً )(الأنعام:112). إنهـا ابتلاءات الحيـاة: (ولو شاء الله لجعلكـم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ماءاتاكم )(المائدة:48). فإبليس أبى السجود والطاعة لأمر الله ، وتمرد ، منذ بدء الخليقة ، وقال: (انظرني إلى يوم يبعثون ) (الأعراف : 14) فقال الله تعالى : ( فإنك من المنظرين ، إلى يوم الوقت المعلوم )(الحجر:37-38) ، واستمرت رحلة الغواية والصراع ، وكان لها جولات ممتدة في تاريخ البشرية ، أفراداً وجماعات ، وأخذت أشكالاً متنوعة ، وفاعليات متفاوتة ، واستراحات ، واسترخاءات ، هي غالباً ما تكون استعداداً لجولات جديدة. (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم )(هود:118)، (اولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض )(محمد:4). ولعل من مظاهر رحمة الله ، هذا التدافع والاختلاف ، الذي من خلاله يتحصحص الحق ، ويتمحص، وبسببه تنجو الحقيقة ، من الدمار ، والخير من الجفاف ، قال تعالى: (ولوا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ً)(الحج:40) ، وقال: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض )(البقرة:251) ، وقال: (كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )(الرعد:17). لذلك رأى بعض العلماء في ضوء ذلك ، أنه من المستحيل واقعاً وشرعاً ، أن يسلط الله على البشرية ظالماً واحداً ، يتحكم في مصيرها ، لفترة طويلة ، ذلك أن التدافع يكون بين الظلمة أنفسهم ، وبينهم ، وبين الحق ، وهذا سنة جارية ، في الحياة ، حتى يتوقف التاريخ ، ويتغير نظام الكون. وأعتقد أن من أعظم الخلل الذي لحق بالعقل المسلم المعاصر ، ما يكمن في عدم التأصيل ، والتأسيس ، لعــلم السنن ، من خلال نضج الرؤية القرآنية ، وتنزيلها على الواقع ، في السيرة والسنة ، ومن خلال استقراء محركات الصراع ، في تاريخ البشرية ، وعوامله ، وأسبابه ، ونتائجه .. إن هذا الخلل هو غياب عن الوعي ، تطيش معه السهام ، وتضل معه العقول ، ويقع الإنسان معه فريسة للمفاجآت ، والعجز عن التعامل معها ، لأنه عاجز ابتداءاً عن فهم المقدمات ، والأسباب الموصلة لها. والذي يدرك سنة التدافع والصراع ، وأطرافه ، وميادينه ، وأسلحته ، ومساراته ، يصبح قادراً على حسن تسخيره ، والفقه بنتائجه ، ويمتلك القدرة على المداخلة ، والتحكم ، ومغالبة سنة بسنة ، أو بقدر بقدر - كما أسلفنا - ويمتلك القدرة على الحركة في كل الظروف وإيجاد مساحات لزرع الحقيقة وتنميتها. | ||||||||||||||||||||||||||||||||
الإشارات المرجعية |
الــرد الســـريـع | |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
| |
|
|